روته يدعو دول الناتو علي زيادة الإنفاق على القطاعين الجوي والصاروخي بنسبة 400%

0

في ظل تصاعد التهديدات العسكرية غير المسبوقة منذ الحرب الباردة، يبدو أن حلف الناتو يقف عند مفترق طرق حاسم. مارك روته ، الأمين العام للحلف، يرفع سقف التحدي بمطالبته الدول الأعضاء بزيادة الإنفاق على الدفاع الجوي والصواريخ بنسبة 400%.

وفي سياق متصل فيأتي ذلك وسط تحذيرات من أن التقاعس قد يُكلف أوروبا أمنها القاري ، لكن هل يُمكن لهذه الخطوة أن تُعيد رسم موازين القوى العالمية؟ أم أنها ستُشعل سباق تسلح جديداً يُهدد الاستقرار الدولي؟

السياق التاريخي: من الردع إلى المواجهة المباشرة

لم تشهد القارة الأوروبية مثل هذا التصعيد العسكري منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 كان بمثابة إعلان نهاية عصر الدبلوماسية الناعمة، حيث أدرك الناتو أن منظوماته الدفاعية الحالية لم تعد كافية لردع موسكو.

تقارير استخباراتية حديثة تُشير إلى أن روسيا تعمل على تطوير صواريخ “هايبر سونيك” قادرة على اختراق أي درع دفاعي غربي خلال دقائق، بينما تُعيد نشر قواتها على الحدود الشرقية لأوروبا

كلمة روته في لندن: بين الطموح والواقع

خلال زيارته إلى العاصمة البريطانية، لم يترك روته مجالاً للشك في أن الناتو “لم يعد خياراً إلا أن يكون أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى”. في كلمته بمعهد تشاتام هاوس، كشف عن رؤية تُشبه إعلان حالة طوارئ استراتيجية:

  • مضاعفة القدرات الصاروخية لمواجهة الترسانة الروسية في كالينينغراد والقرم.

  • نشر أنظمة “آيرون دوم” متطورة على طول الحدود الشرقية للحلف.

  • تسريع إنتاج الطائرات المسيرة القتالية بعد الدروس المستفادة من حرب أوكرانيا.

ولكن التحدي الأكبر ليس تقنياً، بل مالياً وسياسياً: كيف ستُقنع دول مثل ألمانيا وإيطاليا – التي تعاني من اقتصادات متعثرة – بتبني هذه الزيادة الهائلة؟

المعادلة البريطانية: ستارمر بين ترامب وبوتين

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وجد نفسه في موقف محرج. من ناحية، يُواجه ضغوطاً أمريكية (خاصة بعد تصريحات ترامب الأخيرة) لرفع الإنفاق إلى 5% من الناتج المحلي، ومن ناحية أخرى، يُحاول تجنب تفجير الخزانة البريطانية. خطته الحالية تهدف إلى 3% بحلول 2034، لكن روته يدفع باتجاه 3.5% عسكري + 1.5% للبنية التحتية الدفاعية، مثل:

  • تحديث الموانئ البحرية في سكوتلاند لاستقبال حاملات الطائرات النووية.

  • بناء أنفاق عسكرية تحت المانش لضمان إمدادات سريعة إلى أوروبا في حال الحرب.

الرد الروسي المتوقع: هل سنشهد “سباق تسلح جديد”؟

المخاوف من أن تُطلق زيادة الإنفاق الغربية رداً روسياً هستيرياً ليست بعيدة. مصادر في الكرملين تسربت إلى وسائل الإعلام الروسية تصريحات تُحذر من أن موسكو قد:

  • تعلن تطوير جيل جديد من الأسلحة النووية التكتيكية.

  • تزيد من اختراقاتها الإلكترونية لشبكات الناتو.

  • تُسرع من تحالفاتها مع الصين وكوريا الشمالية.

هل يعي الناتو أنه قد يُحرك شيطاناً لا يستطيع السيطرة عليه؟

التداعيات الاقتصادية: من سيدفع الفاتورة؟

الزيادة المقترحة (400%) تعني عملياً:

  • فرض ضرائب إضافية على مواطني دول الناتو.

  • تقليص الإنفاق على الصحة والتعليم في بعض الدول.

  • تضخم عسكري قد يُعيد أوروبا إلى أجواء ما قبل الحرب العالمية الأولى.

لكن السؤال الأكثر إلحاحاً: هل المواطن الأوروبي مستعد للتضحية برفاهيته من أجل أمن قد لا يتحقق؟

سيناريوهات المستقبل: هل الحرب خيار؟

في حال تبني الناتو لخطة روته، فإن السيناريوهات المحتملة تشمل:

  1. الردع الناجح: روسيا تتراجع تحت ضغط التفوق التقني الغربي.

  2. التصعيد المحدود: مواجهات غير مباشرة في أوكرانيا أو البحر الأسود.

  3. الكارثة النووية: انهيار كل خطوط التواصل الدبلوماسي.

الخاتمة: استراتيجية أم رهان بخس؟

الزيادة بنسبة 400% ليست مجرد قرار مالي، بل إعلانٌ بأن الناتو لم يعد يعتبر روسيا خصماً تقليدياً، بل تهديداً وجودياً. لكن التاريخ يُعلمنا أن سباقات التسلح نادراً ما أنتجت انتصارات، بل أنتجت دماراً. هل يُمكن للحلف أن يجد مخرجاً يستعيد فيه الأمن دون دفع العالم إلى الهاوية؟

Leave A Reply

Your email address will not be published.